تجديد ولاية "أونروا" صفعة قوية لمحاولات "إسرائيل" تصفية قضية اللاجئين

تجديد ولاية
تقارير وحوارات

غزة/ دعاء الحطاب:
أجمع مختصون فلسطينيون أن التصويت الساحق في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، لم يكن قرارا إداريا فحسب، بل قرارا يحمل أبعادا سياسية وإنسانية عميقة، خاصة في ظل التحديات الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية.
وأكد المختصون في أحاديث منفصلة لـ "الاستقلال"، أن حصول القرار على تأييد 151 دولة، يمثل صفعة سياسية واضحة لكافة محاولات إنهاء الوكالة خلال حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، كما يؤكد على أن المجتمع الدولي لا يزال متمسكاً بمسؤولياته القانونية والأخلاقية اتجاه الفلسطينيين.
وجددت الجمعية العامة للأمم المتحدة، بأغلبية ساحقة، الجمعة الماضية، ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) لمدة 3 سنوات.
وقال المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، تعليقا على التصويت "أحيّي القرار الساحق للجمعية العامة على تجديد الولاية، فهو يعكس تضامنا واسعا من مختلف أنحاء العالم مع لاجئي فلسطين، ويقرّ بمسؤولية المجتمع الدولي تجاه احتياجاتهم الإنسانية والتنموية، إلى حين التوصل إلى حل عادل ودائم لمعاناتهم المستمرة منذ عقود".
ووفق المفوض العام، فقد صوتت 151 دولة لصالح قرار التجديد، في مقابل 10 دول صوتت ضده.
وقال لازاريني إن المطلوب الآن هو ترجمة هذا الدعم السياسي إلى التزام مالي حقيقي، عبر توفير الموارد التي تضمن للوكالة تنفيذ مهامها دون انقطاع.
وأضاف أن "الأونروا أُنشئت لتقديم المساعدة والحماية للاجئي فلسطين إلى حين إيجاد حل سياسي. ولا يزال اللاجئون لاجئين لأن هذا الحل غائب. الاستثمار في السلام هو السبيل لإنهاء وضع كان من المفترض أن يكون مؤقتا".


وتأتي الخطوة الأممية في وقت تواجه فيه الوكالة ضغوطا مالية متصاعدة وأعباء إنسانية متزايدة، في ظل اتساع نطاق الاحتياجات بين اللاجئين الفلسطينيين.
وتأسست الأونروا عام 1949 بقرار من الجمعية العامة، بهدف تقديم الإغاثة والحماية للاجئين الفلسطينيين الذين هجّروا عام 1948، وبدأت الوكالة عملياتها في الأول من مايو/أيار 1950.
ومنذ تأسيسها، أصبحت أونروا مظلة دولية مخصصة للاجئين الفلسطينيين، تقدم خدمات التعليم والصحة والإغاثة في حقول عملياتها (الأردن، لبنان، سوريا، الضفة الغربية، قطاع غزة).
وتعتمد الأونروا في تمويلها على التبرعات الطوعية من الدول المانحة، ويؤكد مسؤولوها أن استمرار ولايتها يشكّل ضرورة إنسانية وسياسية، في ظل غياب أي تقدم نحو حل نهائي لقضية اللاجئين الفلسطينيين.
ومنذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 تصاعدت الهجمات الإسرائيلية السياسية والإعلامية ضد الأونروا، كما أقرّ الكنيست الإسرائيلي في عام 2024 قانونا يحظر نشاط الوكالة داخل "إسرائيل"، بينما جمّدت واشنطن ودول مانحة رئيسية تمويلها بحجة "التحقيق في مزاعم أمنية" تتعلق بمشاركة بعض موظفيها في هجوم السابع من أكتوبر.
يحمل أبعاد سياسية وإنسانية
وبدوره، أكد المختص في الشأن السياسي د. سعيد أبو رحمة، إن قرار تجديد ولاية الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) لا يُعد قرارًا إدارياً فقط، بل يحمل أبعاداً سياسية وإنسانية عميقة، خاصة في ظل المرحلة الحساسة التي تمر بها للقضية الفلسطينية.


وأوضح أبو رحمه لـ الاستقلال"، أن قرار تجديد الولاية للأونروا يمثل اعترافا ضمنياً بأن القضية الفلسطينية وتحديداً ملف اللاجئين، لا تزال مركزية أساسية في الشرعية الدولية، مشيراً إلى أن وجود الأونروا يعكس استمرار الاعتراف الدولي بالقضية الفلسطينية كقضية تحرر وحقوق، وليس قضية إنسانية فقط.
وبين أن التجديد لـ"الأونروا" بأغلبية ساحقة بلغت 151 دولة، رغم حملات التشوية والاتهامات الإسرائيلية لـ"الأونروا" بالتحريض والتواطؤ بما جري في السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣، يشكل انتصارا دبلوماسياً بوجه المخططات الإسرائيلية الأمريكية الرامية لتصفية القضية عبر ما يسمي بـ" صفقة القرن".
واعتبر أن القرار الاممي يُعد التأكيد على القرارات الدولية المرتبطة بفلسطين، مثل القرار 194 (حق العودة)، ويكرّسها كمرجع لحل النزاع.
أما على الصعيد الإنساني، قال أبو رحمة:" أن الأونروا تقدم التعليم، الصحة، الإغاثة، والخدمات الاجتماعية لملايين الفلسطينيين، وتجديد ولايتها يعني استمرار الحماية الإنسانية والحياة الكريمة لملايين اللاجئين"، مؤكداً أن أي تهديد للأونروا هو تهديد مباشر للهوية الوطنية الفلسطينية لقضية اللاجئين كحق سياسي غير قابل للتنازل.
وشدد على أن الأونروا لا تقدّم فقط مساعدات، بل تؤدي دوراً في توثيق الانتهاكات، وتوفير الحماية القانونية للاجئين بصفتها كياناً أممياً.
صفعة سياسية
وبدوره، يري رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني "حشد"، د. صلاح عبد العاطي، أن التصويت الساحق في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح تجديد ولاية وكالة الأونروا، رغم حملات التشويه والتحريض الإسرائيلية كافة، يمثل صفعة سياسية واضحة لمحاولات إنهاء الوكالة خلال حرب غزة، كما يؤكد أن المجتمع الدولي لا يزال متمسكًا بمسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه اللاجئين الفلسطينيين.


وأوضح عبد العاطي لـ "الاستقلال"، أن حصول القرار على تأييد 151 دولة يعكس عزلة الجهود الإسرائيلية التي سعت إلى حظر عمل الوكالة ونسف شرعيتها عبر اتهامات غير مثبتة، كما يؤكد أن الأونروا ليست مجرد مؤسسة خدمية، بل شاهد حي على قضية اللجوء وركيزة أساسية لحماية حق العودة.
وبين أن تجديد ولاية الوكالة بهذا التوقيت الدقيق، يبعث برسالة قوية مفادها "أن المجتمع الدولي يدرك أن استهداف الأونروا خلال حرب الإبادة بغزة هو جزء من محاولة تصفيه القضية الفلسطينية وتفريغها من مضمونها السياسي والإنساني"، ولذلك فإن الحفاظ على الوكالة اليوم ليس مجرد خيار إداري، بل واجب قانوني وإنساني وأخلاقي دولي لحماية ملايين اللاجئين الذين يعتمدون على خدماتها الأساسية.
وأشار الى أن قرار الجمعية العامة يثبت بوضوح أن محاولات إنهاء الأونروا قد فشلت، وأن حق اللاجئين الفلسطينيين سيظل محميًا ومثبتًا في الوعي القانوني والسياسي الدولي.
وأكد أن التحدي الحقيقي الآن هو ضمان التمويل المستدام للوكالة وحمايتها من الضغوط السياسية وضمان حرية عملها وحصانتها وفقاً للقانون الدولي وقرار محكمة العدل الدولية، لأن استمرار استهدافها يعني تعميق الكارثة الإنسانية، خاصة في قطاع غزة الذي يعيش أوضاعاً كارثية وانهياراً كاملًا في الخدمات الأساسية.
فيما، اعتبر رئيس دائرة شؤون اللاجئين الدكتور أحمد أبو هولي في تصريح له، أن قرار تمديد ولاية عمل "الأونروا" بالأغلبية الساحق، يؤكد على قوة الدعم السياسي التي تحظى به الأونروا في استمرارية خدماتها وفق التفويض الممنوح لها بالقرار 302 لحين ايجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين طبقا للقرار 194، ويعكس المسؤولية الأممية تجاه الاونروا وحماية حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

 

 

التعليقات : 0

إضافة تعليق